1. اللقاء الأول: "الصندوق السحري" في الزاوية الخافتة
بالنسبة للعديد من مواليد ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، قد لا يزال مشهد أول لقاء لهم بألعاب القتال واضحًا كما كان بالأمس. قد يكون ذلك "صالة الألعاب" التي تتسلل بعد المدرسة، أو الآلتين الخفيتين في زاوية المركز التجاري، أو كشك الألعاب المؤقت في معرض المعبد - "الصندوق" الموجود في الزاوية بشاشة ساطعة، يلفت الأنظار دائمًا.
غالبًا ما ينبع الانجذاب الأولي من "شعور المواجهة" البديهي. بخلاف ألعاب اللاعب الفردي التي تعتمد على "التحديات الفردية"، وُلدت ألعاب القتال الأركيدية بجين "التنافس بين البشر": ارمِ عملة معدنية، اختر شخصيتك المفضلة، وقد يكون خصمك غريبًا أو صديقًا من نفس الفئة. لا حاجة لتحضير حبكة معقدة أو شرح مطول للقواعد. ما عليك سوى التحكم في حركة الشخصية عبر عصا التحكم، واستخدام مفاتيح القبضة والقدم لإنشاء مجموعات، ثم اكتشاف تقنيات قاتلة مثل "قبضة الموجة" و"قبضة التنين الصاعد" للدخول بسرعة في حالة مواجهة متوترة.
في عام ١٩٨٧، أشعل ظهور لعبة ستريت فايتر حماس ألعاب القتال الأركيدية. في ذلك الوقت، كانت الرسومات لا تزال تعتمد على نمط البكسل الخام، وكانت حركات الشخصيات جامدة بعض الشيء. ومع ذلك، أصبحت الصور الكلاسيكية لشخصيتي "لونغ" و"كين"، بالإضافة إلى المؤثرات الصوتية الساحرة لـ"جذر استهلاك الوقود" (نطق لكمة الموجة)، الانطباع الأول لدى عدد لا يُحصى من الأشخاص الذين يتابعون ألعاب القتال. دفعت لعبة "كينغ أوف فايترز ٩٧" اللاحقة هذا التوجه إلى ذروته. لم تصبح النيران الأرجوانية لمعبد الآلهة الثمانية واللهب الأحمر لكوساناغي جينغ عناصر مميزة في اللعبة فحسب، بل طُبعت أيضًا على كتب الطلاب المدرسية والقرطاسية، بل أصبحت رمزًا سريًا "للتعرف على الأقارب" بين الأصدقاء - بجملة واحدة فقط، "هل يمكنك لعب الآلهة الثمانية؟"، يمكن أن تقرّب بين شخصين غريبين على الفور.
2. الإدمان: ليس مجرد "لعب الألعاب"، بل هو أيضًا "طقوس اجتماعية".
لا يكمن سحر ألعاب القتال في الألعاب نفسها فحسب، بل أيضًا في "الساحة الاجتماعية غير المتصلة بالإنترنت" التي تُنشئها. في عصرٍ غابت فيه الهواتف الذكية، وقبل أن يشتهر البث المباشر للرياضات الإلكترونية، كانت ماكينات القتال في مدينة الألعاب أكثر "المراكز الاجتماعية" ازدحامًا.
يُجسّد "التواصل الاجتماعي" هنا أنقى معاني "المنافسة والاحترام". إذا فشل اللاعبون المبتدئون باستمرار، فسيكون هناك دائمًا لاعبون ذوو خبرة يبادرون بالتخلي عن مواقعهم وتعليمك تقنية "حركات الاحتكاك" جنبًا إلى جنب: "حرك عصا التحكم نصف دائرة ثم اضغط على القبضة لتُصدر قبضة التنين الصاعد". "يجب الضغط على أنماط عباد الشمس الثلاثة للآلهة الثمانية ببطء، لا تقلق". إذا واجهوا خصومًا متكافئين، فيمكنهم لعب مباراة تلو الأخرى، من المساء حتى وقت متأخر من الليل، حتى تنفد نقودهم قبل توديعهم. قبل المغادرة، سيحددون أيضًا موعدًا "لتحديد الفائز غدًا في نفس الوقت". لا توجد نصوص اجتماعية معقدة، ولا هويات افتراضية عبر الإنترنت، فقط مواجهات شخصية على الشاشة، وتواصل صادق خارج الشاشة - سيُشاد بالفوز باعتباره "عبقرية تقنية"، وستُعزى الخسارة بـ"العودة في المرة القادمة". لقد أصبح هذا التفاعل البسيط والمباشر بمثابة "تنوير اجتماعي" ثمين لكثير من الناس في طفولتهم.
بالإضافة إلى "المواجهة"، تحتوي ألعاب القتال على العديد من "الذكريات التعاونية". تدعم بعض ألعاب الآركيد وضع اللعب الجماعي، كما هو الحال في "سجلات الممالك الثلاث" (مع أنها لعبة تطهير مستويات، إلا أنها تتضمن عناصر قتالية)، حيث يتعين على لاعبين التعاون لإطلاق المهارات وتقاسم الضرر لإكمال اللعبة بنجاح. حتى في الألعاب التنافسية البحتة، سيتحد الجمهور المشاهد لا شعوريًا - بعضهم يهتف للاعب على اليسار، وبعضهم الآخر للاعب على اليمين، وكلما كانت هناك عملية رائعة، يهتف الجميع معًا. متعة التفاعل الجماعي لا تُضاهى أبدًا بلعب الألعاب بمفردك في المنزل.
3. المثابرة: لقد مرت ثلاثون عامًا، فلماذا لا يزال هناك أشخاص واقفين ساكنين؟
لقد انقلبت صناعة الألعاب رأسًا على عقب: فرسومات ألعاب الأجهزة تُضاهي الأفلام، وألعاب الهواتف المحمولة يُمكن لعبها في أي وقت وفي أي مكان، ومسابقات الرياضات الإلكترونية تجذب ملايين المشاهدين. عند دخول صالات ألعاب الفيديو اليوم، لا يزال الكثيرون يقفون أمام صالات القتال - فهناك شباب في العشرينيات من العمر، ولاعبون في منتصف العمر مع أطفالهم، وحتى كبار السن ذوي الشعر الأبيض يُدخلون العملات المعدنية من حين لآخر لإحياء ذكريات الماضي.
يقول البعض إن "العواطف" هي ما حافظت على ثباتها حتى الآن. بالنسبة لمواليد الثمانينيات والتسعينيات، تُعتبر ألعاب القتال بمثابة "آلة الزمن" للشباب - ما دمت تحمل عصا التحكم المألوفة وتسمع المؤثرات الصوتية المألوفة، يمكنك العودة فورًا إلى عصر حمل مصروف الجيب والتسلل إلى صالة الألعاب. ستتكشف جميع ذكريات الطفولة والصداقة واحدة تلو الأخرى مع ضغطات المفاتيح. وكما قال لاعب في منتصف العمر ذات مرة: "لدي الآن جهازا سويتش وبلايستيشن 5 في المنزل، لكنني ما زلت أتصل أحيانًا للعب بعض ألعاب "كينغ أوف فايترز 97" في المدينة. ليس لأنها ممتعة للغاية، ولكن لأنني في كل مرة ألعبها، أتذكر أيام طفولتي وأنا أقاتل على عصا التحكم مع أصدقائي".
لكن إلى جانب المشاعر، فإن "عدم قابلية الاستبدال" لألعاب القتال بحد ذاتها هي سر استمراريتها. فمقارنةً بألعاب اليوم التي تتطلب عمليات معقدة واستثمارًا طويل الأجل، تتميز ألعاب القتال بمزايا "انخفاض مستوى التفاعل، وردود الفعل العالية": فلا حاجة لتعلم أنظمة معقدة، ولا حاجة لإضاعة الوقت في ترقية المعدات، ويمكن لعبها بالعملات المعدنية، ولا تستغرق اللعبة سوى بضع دقائق، مع فائز أو خاسر واضح. هذا "الرضا الفوري" يلبي تمامًا احتياجات نمط الحياة السريع للإنسان المعاصر. في الوقت نفسه، لا يمكن استبدال "ميزة المواجهة غير المتصلة بالإنترنت" بألعاب الإنترنت - فالمعارك عبر الإنترنت مفصولة بشاشات، ولا يمكن الشعور بمشاعر الخصوم؛ أمام صالة الألعاب، يمكنك رؤية أيدي الخصم المرتعشة عندما يكون متوترًا، وسماع صراخه عندما يكون متحمسًا. هذا "الشعور الحقيقي بالتفاعل" لا توفره الشبكات الافتراضية.
4. الميراث: من "قاعة الألعاب" إلى "الرموز الثقافية"، الحياة الجديدة لصالات القتال
لم تعد ألعاب الأركيد القتالية اليوم مجرد "أدوات ترفيهية"، بل أصبحت "رمزًا ثقافيًا" فريدًا. في العديد من المعارض ذات الطابع الحنيني في المدن، تُعرض دائمًا العديد من آلات الأركيد القتالية الكلاسيكية ليجربها الزوار مجانًا؛ كما تستخدم بعض المطاعم والمقاهي آلات الأركيد كديكورات لجذب الزبائن الحنينين؛ حتى في بعض الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، أصبحت ألعاب الأركيد القتالية سمة أساسية "للشباب" - في فيلم "عام على عجل"، أصبح مشهد تشن شون وتشياو ران وهما يلعبان ألعاب الأركيد في صالة الألعاب ذكرى جماعية لجيل كامل.
الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن جيل الشباب يتقبّل تدريجيًا هذا "التوجه الكلاسيكي". يحاول العديد من جيل ما بعد الألفينيات تجربة ألعاب القتال في صالات ألعاب الفيديو بدافع الفضول؛ كما تُقيم بعض نوادي الألعاب في الجامعات مسابقات قتالية في صالات الألعاب لإضفاء طابع جديد على الألعاب الكلاسيكية. وكما قال أحد اللاعبين بعد الألفينيات: "لعبتُ "ملك المقاتلين" لأول مرة لأن والدي اصطحبني إلى هناك. الآن أذهب إلى صالة الألعاب مع زملائي للمنافسة. على الرغم من أن مهاراتي ليست بجودة مهارات والدي، إلا أنني أعتقد أن أسلوب اللعب المباشر هذا أكثر إثارة للاهتمام من القائمة السوداء عبر الإنترنت".
منذ ظهورها المبكر في ثمانينيات القرن الماضي، مرورًا بشعبيتها الواسعة في التسعينيات، وصولًا إلى الحنين إلى الماضي وانبعاثها من جديد، شهدت ألعاب القتال ثلاثية الأبعاد ثلاثين عامًا من التقلبات. قد لا تكون هذه الألعاب "الرائجة" في صناعة الألعاب، لكنها ستظل دائمًا "ذات حضور مميز" في قلوب عدد لا يُحصى من الناس. لأنها لا تحمل فقط ذكريات من فترة لعب، بل أيضًا ذكريات شباب وصداقة وشغف أجيال عديدة - ما دامت عصا التحكم والأزرار قابلة للضغط، فلن تتلاشى هذه الذكرى أبدًا.